الفاكهة المحرمة.. الفصل الثاني
السلام
عليكم ورحمة الله وبركاته..
هذا الجزء إهداء خاص إلى أخوين أكثر من غاليين بالنسبة لي ..
أخي عبد الله وأختي وردة
أدعو الله أن يثبتهما على دينه وحسن عبادته
ومرحبا بكل من يرغب بالإنضمام معنا في مركبنا المتواضع
هذا الجزء إهداء خاص إلى أخوين أكثر من غاليين بالنسبة لي ..
أخي عبد الله وأختي وردة
أدعو الله أن يثبتهما على دينه وحسن عبادته
ومرحبا بكل من يرغب بالإنضمام معنا في مركبنا المتواضع
اليوم لن نعيش أحداثا
كثيرة ولكن ..
سنرى الاختلافات التي
حصلت في حياة يوسف بعد سنة من وفاة والده و رحيل الجارة الحنون " مريم "
ونُلقي نظرة خفيفة على
شخصيتين إحداهما كنا قد تعرفنا عليها سابقا، والأخرى تم ذكرها فقط، وسيكون لهما
بإذن الله دور كبير في الفصول القادمة..
من يذكر المشهد الحزين
في الفصل السابق؟ مشهد وفاة " إيميلي " الزوجة الحبيبة لـ " جاك "
والأم الغالية للصغيرة " ميري ".. هل تذكرون ماذا كانت وصيتها قبل
وفاتها؟
نأتي إلى شخصياتنا.. بعد سنة
جاك..
جسد فقد الروح عندما فقد الحبيب، أهمل
نفسه وأعماله بعد وفاة زوجته.. يعتني بابنتها ويأمل أن يكون ما سيقدم عليه هو ما سينسيه مرارة الفراق ويخفف عنه..
ما علاقة جاك بشركة جيمس، وهل سيكون له
دور فيها لاحقا؟
انتبهوا.. فالسر الخطير الذي
يحمله هذا الرجل قد يكون أكبر مفتاح للرواية فيما بعد ..
إيميلي..
لا شك أنكم قد لاحظتم الرابط بينها وبين يوسف..
هي.. فقدت والدها، ثم توفيت أمها بعد زواجها.. وهو فقد والدته، ثم توفي والده بعد
زواجه، وسنكتشف اليوم رابطا آخر بينهما مع نهاية الفصل.. وثمة رابط أكبر ومفاجئة غير
متوقعة تعرفونها إن تابعتم الرواية إلى النهاية..
يوسف..
سنة واحدة علمته الكثير، وقسوة
الظروف جعلته يكتشف الكثير، وينسى الكثير، لم يعد يوسف الذي نعرفه،، لقد وجد في
الشارع ضالته، أحب كرة القدم وصب جل اهتمامه عليها.. ربما لم يكن بإمكانه الصمود
لولاها، فقد رأى فيها ما يشغله عن فقدان الأحباء وينسيه مرارة الأيام وقسوة
ولييه.. لم يكبر جسد يوسف كثيرا خلال هذه السنة، ولكن ظاهره وباطنه تغير كثيرا،
فبعد أن كان يستهوي قلب من يراه بحسنه و نظافته و أخلاقه الطيبة،، أصبح الآن لا
يمت للنظافة بصلة، فمثلما سعت تلك المرأة وبذلت جهدها لتنسيه كل ما علمه والده نجدها
قد تخلت عن أبسط واجباتها تجاهه، ابتداء بإهمالها لنظافة جسده ووصولا إلى تصرفاتها
ومعاملتها السيئة معه، ولكن رغم كل ذلك فبإمكاننا أن نقول بأن عقل يوسف قد كبر
واستوعب الكثير.. وربما كان لأولاد حيه شأن كبير في ذلك رغم أنه لا يتفق معهم في
أغلب الأحيان.
ليزا..
بعد زواجها من جيمس زاد
جشعها .. هي ببساطة شخصية متناقضة!!.. تمتلك من الحنان والحب والرأفة ما يجعلها الزوجة والأم الحنون التي
قد تكرس حياتها في خدمة زوجها وابنتها الصغيرة "جِنان" أو "جيسيكا"،
.. فيما تمتلك من مشاعر البغض والجشع والحقد ما يجعلها مع يوسف فقط! امرأة قاسية لا تمت
للإنسانية بِصِلة، بل نجدها تترفع عن تقديم أبسط الخدمات لطفل يتيم تدين له
ولوالده بالفضل الكثير و هي من انتشلها والده يوما من مستنقع الخوف و الجهل والفقر
والجوع ، جعلها شريكة حياته، وائتمنها على بيته وابنه، وكانت هذه هي نتيجة إحسانه..
تعمل مصممة أزياء وأصبحت من
أكبر الموظفين في شركة زوجها.
جيمس..
بعد أن أصبح وليا على يوسف
وأمواله، يسعى الآن وزوجته لإيجاد طريقة تخلصهما نهائيا منه. لا يجد صعوبة في
تسيير الشركة، إذ أن صاحبها المتوفى قد ترك فيها من المسؤولين المخلصين والكفاءات
والإمكانيات ما يجعلها ناجحة ومستمرة إلى عشرات السنين الأخرى..
تابعوا
معنا الفصل الثاني من × الفاكهة المحرمة ×..
.
.
.
.
المشهدالأول:
دخل وبحوزته علبة
حلويات وكيس فخم به رمز لأكبر الشركات : " ليزااا..
عزيزتي، ها قد جئت "
كانت تضع اللمسات الأخيرة على شعرها بعد أن زينت وجهها وارتدت فستانا فخما اشترته مؤخرا، ركضت إلى زوجها عندما سمعت صوته واحتضنته بحب : " آه يا جيمس، لا تعلم كم اشتقت إليك.. لقد اعتدت عليك ولم أعد أتحمل غيابك "، وضع الأغراض على الأرض وبادلها الأحضان: " انتبهي على الجنين" ، ثم جلس على أقرب أريكة بتعب : " لقد كانت رحلتي مرهقة جدا، وللأسف لم يثمر تعبي شيئا "
جلست جنبه وهي تسأله بقلق: " ماذا حصل جيمس؟، لقد كنت متحمسا قبل سفرك "
سند رأسه على الأريكة : " آآه يبدو أننا لن نرتاح من ذلك الصغير، صدقيني، لقد سعيت مع بعض متوسطيَّ لأسجله في تلك المدرسة بشكل دائم دون هوية، ولكن المبلغ الذي عرضوه كان خياليا، وأنا لست مستعدا أن أدفع كل ذلك من أجله.. أخشى أن نكون مضطرين إلى تسجيله في مدرسة عادية، حينها سيكون علينا تحمل وجوده إلى جانـ.. "
قاطعته برفض : " كيف تقول هذا جيمس؟ ماذا سنستفيد من دراسته في مدرسة عادية؟ لقد أردنا تسجيله في الداخلي حتى نرتاح منه نهائيا.." وبأمل : " لسنا بحاجة إلى وساطاتك، لو سجلناه بهويته لن نحتاج إلى مبلغ كبير ، المهم أن نـ.... "
كان طول فترة كلامها يحرك رأسه بأسف، ثم اعترضها قائلا: " ليزا، لا تنسي أننا عمدنا إلى تسجيله في مدينة بعيدة حتى لا يدل طريقه إلينا مستقبلا، ولن يكون لذلك معنى إن لم نُخْفِ هويته ، فلتصبري قليلا ولا بد أن نجد حلا "
نظرت إليه برجاء: " فلتدفع إذن ذلك المبلغ "
المشهد الثاني:
أخذ يقفز بفرح!
، ثم صرخ بحماس: " أحســنت جوزيف كم أنت رائع
"
كوزاي رمى الكرة جانبا من العصبية، ثم توجه إلى صاحب الصوت وأخذ يضحك باستهزاء : " ما الأمر كول؟ لم تستطع أن تواجهنا فاختبأت خلف هذا الصغير؟ "
كول بدم بارد: " مادام صغيرا، فكيف تغلب عليك رغم أنك تكبره بثلاث سنوات ؟ أنا واثق بأنه سيصبح لاعب كرة قدم ماهر، وسيـ.... "
دفعه كوزاي وقاطعه : " لا تحلم كثيرا يا ولد، فأنا لم أرد إبراز كل موهبتي لأن جوزيف أصغر مني سِنّا "
يوسف بثقة: "هذا ما قلته أيضا في المرة السابقة، ونحن طلبنا منك بذل كل جهدك ومع ذلك استطعت الفوز أيضا هذه المرة، أين روحك الرياضية كوزاي؟ "
أجابه بتحدي: " لن أرد عليك الآن، ولكن أعدك جوزيف بأني سأتفوق عليك، فأنا قد قررت الإنظمام إلى ناد رياضي " أخذت أصوات الأولاد تتعالى بحماس، وقال أحدهم : " أبي أيضا وعدني بأن يسجلني في ناد لكرة القدم حتى أصبح لاعبا مشهورا، لسوء حظك جوزيف لن تستطيع التغلب علينا بعدها "
أما يوسف ففكر قليلا ثم قال: "أنا أيضا سأنظم إلى النادي"
تعالت أصوات
وقهقهات الأولاد وأجابه أحدهم بسخرية: " ذلك يتطلب أموالا يا
عزيزي، من سيدفع عنك يا ترى؟ خالتك القاسية أم عمك البخيل الذي سرق أموال والدك و
لم يكلف نفسه حتى عناء شراء حذاء رياضي لك؟ "
يوسف شعر بالحزن
وهو يسمع ضحك وسخرية الأولاد منه ويرى حذاءه الممزق الذي اشتراه له والده قبل
وفاته، تذكر عمه جيمس وخالته ليزا اللذان يغدقان على أخته بالعطايا فيما يحرمانه
أبسط حقوقه، لِوهلة شعر بحقد على أخته الصغيرة، وما زاد عليه صوت كوزاي الساخر:
" أنظروا إلى ملابسه البالية ، منذ أن سافرت العمة ميريام لم يشترِ أي ملابس جديدة ".
تذكر تلك المرأة الحنون، ومشى لا شعوريا دون أن يجيبهم ( آآه يا عمتي، لِم ذهبت وتركتني فجأة، لقد كنتِ الصدر الدافئ الذي عوضني عن فقدان أبي وأمي، ولكن من يعوضني عنك بعد رحيلك؟ )، جلس على أحد الأرصفة ودمعت عيناه وهو يتذكر آخر مرة رآها فيها، لقد عادت يومها بلباس مختلف جعلها كالملاك الطاهر، ورغم أنه كان سعيدا بها إلا أن جيمس عاملها يومها بقسوة، وبعدها رحلت بلا رجعة دون أن تخبره بالسبب.. قاطعه من أفكاره كلام صديقه كول المواسي : " لا تحزن على ميريام، من الجيد أنها رحلت، فقد سمعت من أمي أنها أصبحت امرأة سيئة ومؤذية ". تصرف دون شعور ودفع صديقه بقوة ليسقطه على الأرض، وبصوت باكٍ: " عمتي ميريام ليست سيئة، لماذا تقولون عنها ذلك؟ إنها امرأة جيدة أحسن من أمك الكاذبة ". كول شعر بالصدمة من تصرف صديقه ، وبصراخ : " لم يكن عليّ أن ألحقك، لقد كنت مخطئا عندما أشفقت عليك، لطالما حذرتني أمي منك.. قالت أنك سيء مثل ميريام ووالدك ولكنني لم أسمع كلامها ". يوسف لم يحتمل ما يسمعه عن أعز شخصين إلى قلبه، فوقف بخيبة أمل : " كنت أعتقد أنك لست قاسيا وكاذبا كالآخرين ، أنا لست بحاجة إليك ولا لشفقتك كول "
مشى سريعا إلى بيته دون أن ينتظر ردا من صاحبه ..
المشهدالثالث:
في البيت..
مازلت ترجو زوجها
أن يدفع المبلغ..
بحقد وهي تتذكر
والد يوسف: " لطالما جعلني ذلك الرجل خادمة لابنه، والآن وبعد رحيله.. لا
أعتقد أنك ستسمح بهذا جيمس.. فأنا لم أعد أصـ... " قطعت كلامها وهي
ترى يوسف يدخل إلى البيت بوجهه الحزين وعيونه الدامعة. قالت باحتقان: "
ما الذي حصل؟ هل تشاجرت مجددا مع أولاد الحي؟ إلى متى ستسبب لنا المشاكل أمام
الجيران؟ "
يوسف لم يرد عليها وهو ينظر إلى عمه الذي عاد من سفره: " أريد أن أنظم إلى نادي كرة القدم.." جيمس نظر إليه بصدمة من طلبه، ثم التفت إلى ليزا وقهقه ضاحكا : " هل تسمعين ما يقول هذا الأحمق؟ هل سأحرق مالي من أجل لعبتك التافهة أيها الغبي؟ "
تذكر كلام أصحابه بخصوص الأموال التي استولى عليها جيمس بعد وفاة والده، ولكنه تناسى ذلك وأجابه بأمل : " الجميع يقول بأنني سأكون لاعبا جيدا إن فـ..... ". تدخلت وقطعت كلامه بصوتها البغيض: " هل تعتقد أن ذلك يهمنا؟ ". أما جيمس فنظر إليه بتهديد : " إنس الأمر أيها الولد، ولا تكثر طلباتك، يكفيك أننا نأويك ونغذيك " وبأمر وهو يشير إلى الأكياس الموضوعة أمام الباب:" أحظر تلك الأغراض إلى خالتك " . نفذ كلام عمه وهو يشعر بخيبة أمل من ردهما القاسي.
ليزا وهي تستلم العلبة والكيس الفخم: " واااو، هل أحضرت الحلوى التي أحبها ".
قبلها من خدها: " هل يعقل أن أنساكِ؟ " ثم أكمل وهو يشير إلى الكيس الفخم بيدها : " لم أنس ابنتك أيضا، أنظري إلى طقم الملابس الذي اشتريته لها "..
ليزا فتحت الكيس
بلهفة :" آآه ما
أجملها، كيف وجدت فستانا بحجمها! وحذاء
صغيرا أيضا وقبعة.. يبدو أنك قد تعبت كثيرا في انتقائها، لا أدري كيف أشكرك
عزيزي"
جيمس ضمها إليه
: " لا تنسي أنها ابنتي أيضا"، أحست بوخزة من
كلامه، بخوف همست في أذنه: " جيمس سيسمعك الولد "،
التفت إلى يوسف الذي جلس على كرسي قريب وهو يتأمل ملابس أخته، همس لها بسخرية : "
وماذا يمكنه أن يفعل؟ هل سيخبر والده الميت يا ترى؟ "
ليزا ابتعدت عنه : " من
الأفضل أن تغلق الموضوع "
كان ينظر إليهما وهما يتهامسان، لم يسمع إلا عبارة ليزا الأخيرة، ولكنه لم يهتم إلا بما سيقوله : " عمي أريد حذاء رياضيا "
نظرا إليه باستغراب، وقالت ليزا : " ما بالك اليوم، ألن تكف عن طلباتك السخيفة؟ "
يوسف بجرأة لم يعهدها أحد عليه: " ليس طلبا سخيفا، حذائي قد تمزق وملابسي أصبحت بالية " وبقهر: " لم لا تشتري لي ملابس كما تفعل مع أختي؟ "
جيمس أمسكه من
أذنه بقوة وقربه منه، وهو يصرخ بصوته المرعِب: " هل طال
لسانك أيها الغبي؟ ألا تدرك العناء الذي تسببه لنا؟ ألا يكفيك جلوسك معنا في البيت وطعامك الذي
أوفره لك بعرق جبيني " .
ليزا بتأنيب وهي تتجه إلى غرفة جانبية : " لا تصرخ جيمس ها قد أيقظت ابنتي " ..
ليزا بتأنيب وهي تتجه إلى غرفة جانبية : " لا تصرخ جيمس ها قد أيقظت ابنتي " ..
يوسف دمعت عيناه من شدة الألم وهو يتذكر الطعام الذي يأكله يوميا.. لم يسمحا له يوما بالجلوس معهما على طاولة الطعام، ولطالما أسكتاه بما تبَقَّى من فُتاتهما وفضلات طعامهما التي لا تُشبِع حتى القِطط.. في هذه المرة قرر أن لا يسكت عن حقه، فجر قنبلته وهو يصرخ بصوت باكٍ: " تلك الأموال ليست لك، كلها لوالدي"
المشهدالرابع:
قبلتها بحب: "
اذهبي يا صغيرتي والعبي مع الأطفال، ستعيشين منذ الآن هنا وستجدين أصدقاء كثيرين تحبينهم
وتسعدين معهم "
نظرت إلى " جاك " ببراءة : "وأنت أبي هل ستبقى معي؟"
احتضنها بقوة، ودموعه متحجرة في عيونه: " سأذهب الآن فلدي أعمال، ولكن سأزورك عندما أفرغ من عملي"
حركت رأسها بتفهم، وقبلته من خده : " سأذهب لألعب ، ولكن لا تتأخر في زيارتي فأنا سأشتاق إليك كثيرا"
مسح رأسها بحنان
ثم سمح لها بالذهاب..
جاك وهو ينظر إلى ميري التي ابتعدت: " لا أدري ماذا أقول لك سيدتي، ولكن وصيتي إليك أن تعتني بهذه الفتاة" بصعوبة وهو يضغط على مشاعره حتى لا يبكي: " أمها كانت تثق فيك كثيرا وقد أوصتني قبل وفاتها أن أحضرها إلى مدرستك لأنها تعلم بأنك ستعتنين بها وتكونين أما لها بعد أمها.."
نظرت إليه بشفقة على حاله: " لا تقلق ابني جاك، هون عليك، واطمئن فأنا سأعتني بها مثلما اعتنيت بأمها إيميلي "
ابتسم بارتياح: " سأرسل لك شهريا نفقة دراستها وإقامتها، ولكنني لن أعود لأراها بعد الآن" وببكاء: " لم أكن أرغب في تركها هنا والتخلي عنها، ولكن مجرد رؤيتها تعذبني وتذكرني بأمها اشغليها كي تنساني، وأنا أريد أن أنساها، علني أستطيع إدارة حياتي بعد رحيل إيميلي"
مسحت على كتفه بحنان: " كما تشاء يا بني، وبإمكانك أن تراها متى ما غيرت رأيك ".
خرج من المؤسسة
وهو يتألم من فراقها، لقد أحبها من حبه لأمها، ولكنه يدرك جيدا بأنه إن لم يقدم
على هذه الخطوة فلن يستطيع مواصلة حياته ولن يتفرغ لتنفيذ وصية صديقه أو غريمه
السابق!!..
المشهدالخامس:
نعود إلى الجو
الساخن..
عند يوسف..
أسكتته صفعة حارة من جيمس وصرخة ليزا التي
انفجعت بالمنظر الذي رأته عندما خرجت من غرفة ابنتها، للحظة شعرت بشفقة على ذلك
الصغير ، من كان يصدق أن ذلك الطفل المدلل ، سيعاني كل هذا ؟، برعب صرخت: "ماذا
فعلت جيمس؟" في لحظة تناست كل جشعها وقسوتها وفعلت ما يمليه عليه
ضميرها، إنها أنثى.. وأم قبل كل شيء، ركضت إلى يوسف الذي سقط من شدة الضربة وقد
سال الدم من فمه، تكلمت بحنان لم يعهده عليها من قبل: " هل أنت
بخير صغيري؟.. دعني أنظف لك جرحك ".
جيمس مازال جالسا تحت وقع الصدمة من الكلام القوي الذي سمعه من يوسف (كيف وأين ومتى عرف هذا!! هل عقله الصغير يستوعب ما قاله؟..)
جيمس مازال جالسا تحت وقع الصدمة من الكلام القوي الذي سمعه من يوسف (كيف وأين ومتى عرف هذا!! هل عقله الصغير يستوعب ما قاله؟..)
يوسف نظر إلى
خالته وقد تحجرت الدموع في عينيه، صرخ في نفسه ( منذ متى أصبحت تنظفينني؟ ألم
أعاني طوال هذه الأشهر من القذارة التي التهمت جسدي وجعلتني محط سخرية الأولاد؟ ..
في حين أنكِ لَم تُكَلفي نفسك عناء تنظيفي واكتفيتِ بذلك الدلو الصغير الذي
تَمُنِين عليّ به )، ابتعد عنها ، وأجابها بنبرة حقد ربما قد اكتسبها من سوء
معاملتها الدائمة له: " أنا أستطيع فعل ذلك بنفسي
" قالها وتوجه إلى
الحمام ليغسل فمه وتركهما جالسان على وضعيتهما دون حراك...
أخيرا تكلم جيمس بحيرة : " ماذا حصل في فترة غيابي؟ ما الذي غير الولد؟ من أين جاء بكل هذا فجأة ؟ ". لم تجبه ولا يبدو أنها تسمع ما يقول، تكلمت وهي ترتجف من الانفعال: " جيمس لم يكن عليك أن تتصرف هكذا مع الصغير "
أخيرا تكلم جيمس بحيرة : " ماذا حصل في فترة غيابي؟ ما الذي غير الولد؟ من أين جاء بكل هذا فجأة ؟ ". لم تجبه ولا يبدو أنها تسمع ما يقول، تكلمت وهي ترتجف من الانفعال: " جيمس لم يكن عليك أن تتصرف هكذا مع الصغير "
فتح عينيه بدهشة : " لا أصدق أنك أنت من يقول هذا ليزا "
ليزا بحزن: " لم لا يا جيمس؟ ألست إنسانة؟ "
جيمس وقف وبعصبية: " لا أدري ما الذي حصل لكما في غيابي.. جوزيف الطفل الجبان الذي يخشى التنفس بجانبي يرفع صوته أمامي أخيرا و يقول كلاما أكبر من سنه.. وأنتِ ترفعين ضغطي بكلامك الغبي، ألا تدركين الخطر الذي قد يسببه لنا هذا الولد ؟ .. مادام يتجرأ على قول كلام كهذا الآن فلا تستغربي إن رمانا في الشارع مستقبلا.. أم أنك تريدين أن تصبحي خادمة له مجددا؟ "
كشرت من مجرد سماعها لقوله: " لم أقل ذلك، ولكن لا تنس جيمس، أنه لولا والد هذا الطفل لكنت الآن جثة في المقبرة، ولكنت أنت متسولا جائعا دون عمل "
جيمس أخذ يهز أكتافها: " ما الذي أسمعه منك ليزا، هل تؤمنين حقا بما تقولين؟ لولا سعيي وتضحيتي بوقتي وجهدي من أجل تلك الشركة لكانت الآن مفلسة، هل سيكون لها وجود بعد رحيل صاحبها؟" بصراخ: " أجيبيني يا ليزا ألست أنا من عمل لها وحفظ لها سمعتها؟.. ذاك الرجل الذي تتكلمين عنه هو من يدين لنا ، لقد حفظنا ابنه ووفرنا له سبل العيش من بعد رحيله" بصراخ: " لولاي أنا يا ليزا لأفلست تلك الشركة" بخبث وهو يراها بدأت بالتجاوب: "هل سنسمح بعد كل هذا أن يأتي ذلك الولد ويرث ببساطة ما أفنينا جهدنا وطاقتنا في سبيله.. قد لا يؤذي ذلك ابنتنا جيسيكا إذ أن ذلك الرجل والدها قانونيا ولكن ماذا عن هذا الطفل الذي في بطنك، كيف سيعيش إن كان ذلك الأحمق ابن المسلم هو من سيمتص كل جهودنا وأموالنا؟ هل ستتخلين عن خيط النجاة في منتصف الطريق،؟ هل ستقبلين بأن يعيش طفلنا العذاب الذي عانيت منه طوال حياتك؟ "
أخذت تتلمس بطنها ، برعب: " أخشى أن تتحقق مخاوفنا جيمس .. يجب أن نجد طريقة لإبعاد جوزيف قبل أن يكبر.."
ابتسم وهو يرفعها إلى حضنه: " لقد عادت ليزا التي أعشقها ". وهو يقبل يدها: " لا داعي للقلق عزيزتي، سأرسله إلى تلك المدرسة في أقرب فرصة "..
نظرت إليه دون أن تُظهر أي انفعال على وجهها، وبهدوء : " هل ستدفع ذلك المبلغ؟"
أومأ برأسه بـ(نعم)، وهو يرفع هاتفه : " سأتصل بهم وأخبرهم بموافقتي على المبلغ.. هذا هو أفضل حل سيخلصنا من ذلك الطفل الوقح "
المشهدالأخير:
كان يجلس على
سريره وهو يشعر بجوع شديد، فهو مذ دخل غرفته في الصباح لم يخرج منها خوفا من بطش
جيمس وليزا..
دخلت ليزا بطبق
من حساء اللحم اللذيذ: " جوزيف، لقد أحضرت عشاءك". نظر
إليها باستغراب دون تصديق، فأومأت له برأسها لتصدمه وتحيره أكثر:"
تناول عشاءك حتى تستحم، سأنظفك وأجعلك ترتدي ملابس جديدة اشتريتها لك هذا المساء،
وغدا سيأخذك جيمس إلى المدرسة لتتعلم القراءة والكتابة "
( منذ متى هذه
الطيبة يا خالتي؟!!!!) رفع فجأة الملعقة وتذوق الحساء حتى يتأكد أنه
ليس في حلم، ثم أخذ يلتهمه بسعادة، وبرضى (لا شك أنني أحلم ولكن ما دمت أستطيع
الاستمتاع فلا بأس، كل ما أرجوه ألا يوقظني جيمس .. يا رب )
( فاتن تقول لك يا
يوسف: لا تخف لست في حلم بل في حقيقة، ولكن ماذا يختبئ وراء هذا الواقع؟)
.
.
.
.
نهاية الفصل
أرجو أن يكون قد نال إعجابكم
نلتقي بإذن الله
أختكم فاتن نجاة
عمل رائع أختي فاتن , استمري في هذا الابداع , وفقكِ الله
جميل اتمنى لك دوام التوفيق